أنكيدو المحظوظ

عيسى بوتاني
كنت ما زلت صبيا في مقتبل عمرك حينما قرأت أسطورة ذلك الرجل الذي كان قد رأى كل شيء، كنت تحلم بالحصول على الحياة الابدية ولكي تنال الحلم كنت تنفذ كل رغبات الاله. كنت تود أن يكون لك قوة خارقة وجسم فولاذي وتصطاد الدببة والوحوش ... كنت تحسب كلكامش كفردة من حذائك و تظن بأنك خلقت لتكون اله،كنت تود أن تجعل من أجمل الجيلات عجينا وتشكل من صدورهن أشكالا، ولكن لم تظن بأن كل يوم يمر سيأكل قطعة من عمرك و حلمك للحياة الابدية سيتشتت مع أصوات الرعد و الفولاذ لن تغدو صلبا.ستنحني على شيء وكأنك تنحني على أنثى و بعدها ستدرك بأن الشيء الذي انحنيت عليها انه صديقك الوفي... انه العكاز ... انه انكيدو القوي الذي سيحمي ظهرك و تقاتلون معا الوحش ذو الرؤوس السبعة و تعبرون غابة الصنوبر. في المساء ستتمشون معا نحو تلك الشجرة التي ولدت تحت ظلها و ستكتبون على أعظم أغصانها ذكرى.
صدقني انك لست مذنبا فأي شخص يملك قوتك لن يرضى بعشتار كزوجة، وكذلك انكيدو أيضا ليس بمذنب ... كيف سيتخلى عن صديقه فحينما يعبره من شارع و يرفع حجرتين من تحت قدميه لكي لا يتعثر ... فذلك اقل اخلاص يظهره له اياه ليس فقط ان يقطع له رأس الثور المجنح. كيف للرب أن يغضب عليه كذا ويقرر له موته بهذه الطريقة الوحشة، لم يكن مخفيا لأحد بأن الذي ينظر لكلكامش كفردة حذاء لن يضع صديقه في المحرقة و سيقى واقفا على جثته منتظرا لعله يتبرعم من جديد. انه لمنظر بشع أن يصرخ الديدان خبر موته من كل جهة.
ــ ان رأيتم اني خائف لا تلوموني، الذي رأيته لم يكن أبدا في الحسبان.
كان مستلقيا فوق الفراش كمجموعة من العظام من غير حركة ولا دفء حينما سمع صوتا خشنا يناديه: ... مشاهدة المزيد
ـــ من هو هذا الذي يرجيني كي أدفنه تحت ترابي... اليس هو الذي كان يظن نفسه أعظم قوتة من كلكامش، حينما كان يصدر زئيرا كانت الوحوش تفر و تذوب الحديد و الحجارة كالثلج.
ــ متى طلبت منك حياتا أبدية؟ فليكن الارض التي أنا مستلقي عليها ثمنا لتلك الاثام الذي جرجرتني اليها ... أتركني وشأني والا طلبت منك ثمن قتلك لصديقي ... قوتي و حامي ظهري.
ــ فهمت انت من كان يريد أن ترفع ذلك الشيء ولكنك لم تقدر أن تحركها.
ــ أنت الذي جرجرتني نحو ذلك الشيء، لأنك كنت تود أن تجعلني سببا أو الة لتنفيذ ظلمك و طغيانك. ولكن ذكائي أنا و أنكيدو كان فقط أننا لم نحارب البعض... كذبت عليكم مراة و لهذا اكتشفت حقيقتكم.
ــ هناك زهرة شائكة تحت البحار ان استطعت ان تنالها فقد نلت الحياة الابدية.
ـــ سوف لن أصنع مركبا من جديد ولن أعبر البحار السبعة، أنا لم أطلب منك هذا... فأنت من يريد أن تسلبها من الافعى و بعدئذ تجرعني سمها. قررت أني لن أفكر حتى برأسي التي طالما سيطرتم عليه و أنتظر متى ستنتزعون منى هذه الامانة الوقحة ... حياتي من غير أنكيدو لم يعد لها معنى.
ـــ حينما أنت و أنكيدو لم تحاربوا البعض كان ذلك جريمة تجاهنا، أنتم أفسدتم قراراتنا نحن الارباب. أوضحتم حتى لوحوش والكائنات التي تعيش على الارض بأننا لا شيء ولا نقدر أن نحدد مصير أي منهم.
ـــ الكل يعلم ذلك وكذلك انت، أنسيت الطوفان الكبير كيف نجوت و نلت الحياة الابدية و أعتليت عرشا كالباقي ... كل هذا مقابل أن تعيش في أرض وراء سبعة بحار. ألا تذكر حديث كبيركم حينما تعجب وقال "كيف نجوتم من الموت، فقد قررت مصيرا و اعصارا بحيث لا ينجو أحد منها حيا". لهذا انا متمسك بموقفي ولن أنحني بعد اليوم لأحد.
ـــ لن أقتنع بهذا الهراء فأننا اللان أحد من الارباب... مت أنت و سأبقى كما أنا.
حينما كنت مستلقيا على الفراش و تحلم بالموت، قرأت اخر صفحات اسطورة كلكامش ، كنت تود ان تحرر كل الوحوش والدببة الذي كنت قد اصطدتها من قبل و ذرفت دمعتين، حينها أدركت بأنك لست عجينة من الانس والرب و فهمت أيضا بأن أنكيدو كان أكثر حظا منك لأنه مات قبلك.


نشرت هذه القصة باللغة الكوردية في مجلة xebatî qutabîan العدد 32 سنة 1999